السبت، ١٤ يونيو ٢٠٠٨

عاوم رواية الحديث 6 (صفة رواية الحديث وشرط أدائه)


صفة رواية الحديث وشرط أدائه
أداء الحديث: هو تبليغه وإلقاؤه للطالب بصورة من صور الأداء.
وصور الأداء فرع مطابق لصور التحمل التي سبق درسها، فيحق لمن تحمل الحديث بأي قسم من أقسام التحمل أن يؤديه بأي قسم منها أيضا، ولا يشترط أن يكون أداؤه على نفس القسم من أقسام التحمل الذي تلقى به الحديث.

ركن أداء الحديث:هو روايته وتبليغه بصورة من صور الأداء، بصيغة تدل على كيفية تحمله.
وهو إما أن يكون من حفظ الراوي أو من كتابه ، وقد احتاط المحدثون جدا في الأداء بهما. ولم يجوزوا للراوي أن يحدث إلا بما تحقق أنه الصواب، فمتى كان بخلاف هذا أو دخله ريب أو شك لم يجز له الحديث بذلك، إذ الكل مجمعون على أنه لا يحدث إلا بما حقق، وإذا ارتاب في شيء فقد حدث بما لم يحقق أنه من قول النبي صلى الله عليه وسلم ويخشى أن يكون مغيرا، فيدخل في وعيد من حدث عنه بالكذب، وصار حديثه في الظن، والظن أكذب الحديث.

ونسوق لك أهم ما ذكروا من المسائل في هذا الباب:
أولا -العبارة عن النقل بوجوه التحمل: ينبغي أن يطابق لفظ الأداء الصفة التي تحمل بها الراوي حديثه الذي يرويه، وقد ذكروا لكل طريقة من طرق التحمل صيغا خاصة بها في الأداء تعبر عنها وتنبئ بها، نوضحها لك فيما يلي:

1-العبارة عن التحمل بالسماع: يسوغ فيه كل ألفاظ الأداء مثل حدثنا ، وأخبرنا، وخبّرنا، وأنبأنا.

2- العبارة عن التحمل بالعرض: أسلم العبارات في ذلك أن يقول: " قرأت على فلان، أو قرىء على فلان وأنا أسمع"، ثم أن يقول : " حدثنا فلان قراءة عليه"، ونحو ذلك.

3و4-العبارة عن التحمل بالإجازة أو المناولة: اصطلح المتأخرون على إطلاق (( أنبانا )) في الإجازة، وكان هذا اللفظ عند المتقدمين بمنزلة (( أخبرنا )) فإن قال (( أنبأنا إجازة أو مناولة )) فهو أحسن.

5-العبارة عن الكتابة: يقول فيها: (( كتب إلي فلان قال: حدثنا فلان))، أو (( أخبرني فلان مكاتبة أو كتابة)).

6و7 - العبارة عن الإعلام أو الوصية: يراعى فيه ما ذكرنا في الإجازة.

8- العبارة عن الوجادة: يجوز لمن تحمل بالوجادة أن يرويه على سبيل الحكاية فيقول: (( وجدت بخط فلان: حدثنا فلان )).

أهمية اصطلاحات الأداء:

1- أنها تعرفنا الطريقة التي حمل بها الراوي حديثه الذي نبحثه، فنعلم هل هي صحيحة، أو فاسدة.
2- أن الراوي إذا تحمل الحديث بطريقة دنيا من طرق التحمل ثم استعمل فيه عبارة أعلى كأن يستعمل فيما تحمله بالإجازة: حدثنا أو أخبرنا كان مدلساً، وربما أتهمه بعض العلماء بالكذب بسبب ذلك.


ثانياً: الرواية بالمعنى وهي من أهم مسائل علوم رواية الحديث، لما وقع فيها من الخلاف والالتباس، وما أثير حولها من الشبهات: لا خلاف بين العلماء في أن الجاهل والمبتدىء ومن لم يَمْهُر في العلم، ولا تقدم في معرفة تقديم الألفاظ وترتيب الجمل ، وفهم المعاني يجب عليه ألا يروي ولا يحكي حديثاً إلا على اللفظ الذي سمعه، وأنه حرام عليه التعبير بغير لفظه المسموع.

ذهب جمهور العلماء ومنهم الأئمة الأربعة إلى جواز الرواية بالمعنى من مشتغل بالعلم ناقد لوجوه تصرف الألفاظ إلا أن يكون الحديث متعبداً بلفظه، أو يكون من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم .


تنبيهان:

1-ثمة أمر هام يجدر التنبه إليه، والتيقظ له، وهو أن هذا الخلاف في الرواية بالمعنى إنما كان في عصور الرواية قبل تدوين الحديث، أما بعد تدوين الحديث في المصنفات والكتب فقد زال الخلاف ووجب إتباع اللفظ، لزوال الحاجة إلى قبول الرواية على المعنى. فلا يسوغ لأحد الآن رواية الحديث بالمعنى ، إلا على سبيل التذكير بمعاينة في المجالس للوعظ ونحوه، فأما إيراده على سبيل الاحتجاج أو الرواية في المؤلفات فلا يجوز إلا باللفظ.

2- ينبغي لمن يروي حديثاً بالمعنى أن يراعي جانب الاحتياط وذلك بأن يتبعه بعبارة: ((أو كما قال )) أو (( نحو هذا )) وما أشبه ذلك من الألفاظ.


ثالثاً - اختصار الحديث وذلك بأن يروي المحدث بعض الحديث ويحذف البعض الآخر، بشرط أن لا يكون متعلقاً به. جمهور المحدثين قديماً وحديثاً ذهبوا إلى جواز ذلك، وهذا هو الصحيح.

رابعاً: مراعاة القواعد العربية قرر العلماء واتفقوا على أنه ينبغي لطالب الحديث أن يكون عارفاً بالعربية .

خامساً- مراعاة المحذوف في الخط وذلك كما ذكر ابن الصلاح وسائر العلماء: أنه (( جرت العادة بحذف (( قال )) و(( أن )) ونحوهما فيما بين رجال الإسناد خطاً، ولا بد من ذكره في حاله القراءة لفظاً، مثل :حدثنا أبو داود ثنا الحسَن بن علي عن شبابة قال …)) تُقْرأُ هكذا: ((حدثنا أبو داود قال: حدثنا الحسَن بن علي عن شبابة أنه قال …)).

ليست هناك تعليقات: